العبادي اختار المعسكر الأميركي فـ “أطلق النار” على نفسه وعلى الولاية الثانية

DkKF9Q3WsAESs-c

بقلم  – ايليا ج. مغناير: @ejmalrai

لم يكن من الصعب تَوقُّع قرار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالالتزام بالقرار الأميركي الأحادي الجانب بفرْض عقوبات على إيران (انظر العدد السابق 22/7/2018). ومع ذلك كان الأمر غير رسمي الى حين خروجه بتصريح واضح: “أقف مع أميركا ضد إيران على الرغم من ان ذلك يؤلمني”. وهذا يعني شيئاً واحداً فقط ان العبادي أصبح مدْرِكاً أنه لن يحصل على ولاية ثانية كرئيس وزراء.

وقد وَقَف حزب “الدعوة” نفسه (الذي ينتمي اليه العبادي) وكل الأحزاب، حتى غير المتعاطفة مع إيران، ضدّ قرار العبادي الذي أقفل الحدود أمام البضائع الإيرانية وكذلك أوقف التعامل بالدولار مع إيران. وهذه واحدة من عدة عقوبات فُرضت لإجبار طهران على إعادة التفاوض مع أميركا بشأن الملف النووي.

وهذا ما يتناسب مع رغبة العبادي السابقة بعدم دفْع مستحقات الكهرباء (مليار دولار) التي تقدّمها إيران لمحافظات الجنوب. إلا أن عضو البرلمان الإيراني محمود صادقي طالب العراق بدفع 1.1 ترليون دولار مقابل تعويضات الحرب التي شنّها صدام حسين على إيران عام 1980.

وأظهر العبادي في مراحل عدة من حكمه عدم قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة. وتقول مصادر قريبة منه انه “لا يريد حرباً اقتصادية على إيران ولكن العراق يحتاج الى أميركا لجذْب الأموال اللازمة من دول الجوار لإعادة الإعمار بعد الحرب على “داعش”.

ويلتقي العبادي في منزله ومكتبه في “المنطقة الخضراء” في بغداد مع المسؤولين الأميركيين بانتظامٍ ليسمع منهم الدعم المطلق له وكذلك الدعم الذي يحضرونه من دول الجوار للعراق. وتودّ أميركا ان يفوز العبادي بولاية ثانية ومعه السيد مقتدى الصدر لمواقفهم العلنية العدائية لإيران، على أمل أن يشكل هؤلاء كتلة الغالبية (165 مقعداً برلمانياً). لكن السيد مقتدى حدد 40 شرطاً لدعمه رئيس حكومة جديدة، وهي شروط لا تنطبق على العبادي ابداً.

ويقول أصحاب القرار السياسي في العراق إن “العبادي تجاوز صلاحياته لأن قراره لا يعكس رغبة الشعب العراقي ولا يستطيع اتخاذ قرار من صلاحية البرلمان وحده. إلا أن العبادي أَظْهر سلوكاً استفزازياً لأنه يدرك أن أيامه في الحكومة اصبحت معدودة”.

وتَعتبر هذه المصادر القيادية ان “العبادي  لا يتمتع بدعم المرجعية ولن يستطيع تقديم خدمات يحتاجها الشعب. ولا يتمتع العبادي بدعم حزبه (الدعوة) ولا يريد محاسبة الوزراء الفاسدين. وأيضاً لا السنّة ولا الأكراد ولا الشيعة ولا المرجعية يريدون العبادي لولاية ثانية. اذاً نعتبر ان قرار العبادي هو قرار يريد منه توجيه رسالة للعالم بأنه يريد التناغم مع الغرب ولا يريد ان يخرج من الحكم مغضوباً عليه مثل نوري المالكي”.

وهكذا يريد رئيس الوزراء الخروج بسجلّ نظيفٍ أمام أميركا ملؤه الإنجازات، وخصوصاً التي تتعلق بهزيمة “داعش”. لكنه يخطئ لأن المرجعية في النجف هي التي أنقذتْ العراق بالدعوة الى “الجهاد الكفائي” والتعبئة العامة لتنقذ بغداد وتُلْهِم العراقيين لحمل السلاح فيستيطعوا دحْر “داعش”.

اذاً الفضل لا يعود الى العبادي في إنقاذ العراق بل الى الشعب العراقي الذي حَمَل السلاح الذي قدّمتْه إيران في الأيام الأولى لاحتلال “داعش” الشمال والأنبار. وقدّمت ايران السلاح الى بغداد واربيل بعدما تخاذلت أميركا أيام أوباما عن مساعدة بلاد ما بين النهرين، أَمَلاً منها برؤية العراق مقسماً الى ثلاثة بلدان: كردستان، سنّستان وشيعستان.

وعلى الرغم من عدم وجود انسجام بين ايران والعبادي، لكن قرار رئيس الوزراء العراقي لم يتوقّعه أي شيعي في الشرق الأوسط. وعلى ما يبدو فإن العبادي أراد الخروج من الحكم “كبطل أميركي” يتمتّع بسمعة قوية (الشخص الذي اتّخذ موقفاً ضد طهران).

ومما لا شك فيه ان هذه الخطوة الأحادية ستُخْرِجه من “المنطقة الخضراء” لكنها ستفتح له أبواب العودة الى “المملكة المتحدة” حيث يستطيع العيش بسلام بصفته حاملاً للجنسية البريطانية.