هل أصبح “محور المقاومة” أفضل أم أسوأ ومن كان انجح: اللواء او الشهيد قاسم سليماني؟

: @ejmalrai بقلم – ايليا ج. مغناير:

قبل أكثر من أربعين يوماً إغتالتْ الطائرات الأميركية المسيّرة في مطار بغداد قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني وقائد “محور المقاومة” في المنطقة اللواء قاسم سليماني في منتصف ليل اليوم الثاني – الثالث من يناير… فكيف تَأثّر هذا المحور بإغتيال قائده؟ وهل ظَهَرَ الضعفُ على أطرافه؟ وماذا حقّق لغاية اليوم؟

بحسب قراءةٍ لدوائر في محور المقاومة، فإنه على المحور السوري حقّق الجيش السوري ولواء ذو الفقار الإيراني (مع حلفائه) قفزةً نوعية في مسار تحرير كامل طريق دمشق – حلب الذي سيطر عليه الجهاديون منذ العام 2012. وحُررت مدينة سراقب الإستراتيجية وتل العيس التي لطالما أراد اللواء سليماني تحريرها وجرى إستعادة جثامين 23 ضابطاً من “حزب الله” قُتلوا في المعركة الأخيرة قبل عامين على أرض هذا التل الإستراتيجي.

وها هو الجيش السوري ومعه الدعم الجوي الروسي “يجلس” مع محور المقاومة في غرفة عمليات موحدة في مدينة حلب وغرف عمليات أخرى في حميميم ودمشق لتنسيق المعلومات الإستخباراتية في إطار الإندفاعة  التي تمت لغاية اليوم بنجاح كبير. فالقوات السورية تؤمّن منطقة كبيرة لضمان سلامة الطريق المعروفة بـM5 الواصلة إلى حلب والتي لطالما وعدت تركيا بإخلائها من الجهاديين. 

ويُعتبر هذا التقدم نوعياً ويدلّ على الإستراتيجية البعيدة الأفق التي لا تعتمد على القادة بل على مسار لا يتوقف، مرسوم له الإستمرار لدعم الحليف السوري وتحرير جميع أراضيه، في الوقت الذي تتدخل إيران وروسيا لدى تركيا للإبقاء على خط الحوار، رغم الإختلافات على الأرض، وتالياً فإن فقدان اللواء سليماني لم يغيّر في المعادلة شيئاً لأن المنظومة لم تتبدّل والأهداف بقيت كما هي.

وفي العراق، رأت هذه الدوائر أنه اللواء سليماني لم يكن يحلم بقرار برلماني يطلب من القوات الأميركية الخروج من البلاد، وهو قرار مهم جداً لأنه يعطي شرعية للقوات العراقية لضرْب القوات الأميركية التي تُعتبر محتلّةً إذا رفضت الخروج.

وقد وافقت الحكومة العراقية على إبقاء قوات حلف “الناتو” كمدرّبين عسكريين على الأسلحة التي إشترتْها الدولة من أعضاء الحلف. إلا أن المشكلة ستبقى لدى القوات الأميركية التي سيُفرض عليها الخروج وجدولة إنسحابها حين تتسلم الحكومة العراقية أعمالَها بعد أن تحصل على الثقة المطلوبة.

ولم يحصل أبداً أن إتّحدت جميع أطراف المقاومة العراقية الشيعية تحت لواء السيد مقتدى الصدر الذي كان دعا إلى تظاهرة سلمية مليونية وحصل عليها بفضل الوحدة بين تلك الفصائل. لقد كان الصدر مصدر قلق لـ “محور المقاومة” بسبب مواقفه غير الواضحة والمتقلّبة. إلى أن جاء إغتيال سليماني ليعيد العلاقة إلى حرارتها بين الصدر و”المحور”، وهو ما كان صعباً على سليماني تحقيقُه حتى في أيامه الأخيرة.

وإستطاع “محور المقاومة” في العراق دفْع عجلة المسار السياسي للوصول إلى اختيار محمد علاوي كرئيس للوزراء حتى ولو لم ينجح في تشكيل الحكومة. إلا أن الوحدة هي سيدة الموقف وقد جرى تبني إختيار الصدر لعلاوي من دون منازع حتى ولو كان نوري المالكي والسيد عمار الحكيم يملكان وجهة نظر مختلفة.

وفي لبنان، لاحظتْ الدوائر عيْنها أن حكومةً شُكّلت برئاسة حسان دياب وإستطاع “محور المقاومة” تدوير الزوايا والوصول إلى مرشح يشكل حكومة تحصل على ثقة البرلمان المطلوبة. وإنتهى الصراع الدستوري وفشلت المحاولات لإبقاء لبنان في المجهول. وقد بدأت دول عدة تتصل بالحكومة اللبنانية لتقديم المساعدة وإخراج البلاد من المأزق المالي الذي يتأثّر به جميع اللبنانيين، ما عدا أفراد “حزب الله” الذين لم تنقطع رواتبُهم أو إستحقاقاتُهم يوماً.

وقبِل الرئيس حسان دياب بالورقة المقدَّمة له من “المحور” للبيان الوزاري من دون تردد، وهو يتواصل مع “المحور” كلما دعت الحاجة لإزالة العواقب السياسية وليفتح هذا المحور الطريقَ أمامه ليعمل كما يشاء هو، وهذا إنتصارٌ لمحور المقاومة الذي فرض حكومتَه بدل الفراغ.

وفي فلسطين، إتّحد الشارع الفلسطيني، بحسب تلك الدوائرـ على كلمة واحدة ترفض “صفقة القرن” التي تحاول أميركا فرْضها على الشرق الأوسط. وقد أعلن الرئيس محمود عباس وفاة إتفاق أوسلو ووقف أشكال التعاون الأمني مع إسرائيل. ورفض الجميع التخلي عن حق العودة وقضْم إسرائيل المزيد من الأراضي (30 في المئة).

أما في إفغانستان فإن أميركا إعترفت بنشاطٍ غير عادي لـ “طالبان” منذ بداية السنة. ويقول قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكنزي إن “من الظاهر أن إيران ترى فرصة للإقتصاص منا في أفغانستان من خلال حلفائها، نحن قلقون جداً من هذا الخطر”.

وقد أسقطت طالبان طائرة عسكرية تابعة للمخابرات المركزية الأميركية وإعترفت الولايات المتحدة بمقتل ضابطين وتكتمت على خسائر أخرى.

وفي خلاصة قراءة الدوائر في محور المقاومة “أن قطار هذا المحور لم يتوقف بتوقف خفقان قلب سليماني. وليس أدلّ على ذلك من بروز مقاومة جديدة عفوية في شمال – شرق سورية، في قرية خربة عمو في الحسكة، تقف بيدين عاريتين أمام القافلة الأميركية المسلحة طالبةً من عناصرها مغادرة أراضي سورية. وهذا عنصر إضافي يدل على مسار ثابت لهذا الخط يستمرّ حتى ولو قُتل فيه القادة الذين يَعتبرون أن إقامتهم في هذه الدنيا مؤقتة بسبب الأخطار التي يواجهونها وتصدّيهم للهيمنة الأميركية وحلفائها. ويبدو أن الشهيد سليماني يحقّق أكثر بكثير من اللواء سليماني”.

Copyright © https://ejmagnier.com  2020