Iran/USA (2): A war that did not happen and a difficult peace; The relationship between Riyad and Tehran in the hands of Emir Bandar and Admiral Shamkhani

اميركا وايران و”ساحاتهما” في حرب لم تقع وسلام صعب (2)

العلاقة بين طهران والرياض

في عهدة الأميرال و… الأمير

* مسؤول ايراني بارز تحدث لـ “الراي” عن “الملفات الشائكة” مع السعودية

* الاميرال شمخاني عيّنه المرشد ممثلاً له في مجلس الامن القومي

* شمخاني، الحائز على وسام الملك عبد العزيز، العربي الوحيد الذي يصل الى المراكز الاكثر حساسية في ايران

* في الامكان ان نجلس سوياً مع المملكة لمناقشة الملفات العالقة دون سياسات الفرض

* افغانستان واليمن ملف مترابط يمكن حله من دون تعقيدات تعجيزية

* العراق، لبنان، البحرين ملفات قابلة للحل تدريجاً

* من المستحيل تجاوز الوضع في سورية فالأسد خط احمر وبمثابة خط الدفاع عن أمننا القومي

بروكسيل – من ايليا. ج. مغناير:

كان المشهد مثيراً في الشرق الاوسط أخيراً مع مظاهر الانتقال السريع من قرقعة طبول الحرب الى ما يشبه أسراب “حمائم السلام”. ولم تتضح حتى اللحظة خفايا التحولات التي حرّكت “الهواتف الحمر” بين واشنطن وموسكو وأفضت الى تجاوز “الخطوط الحمر” بين طهران وواشنطن، وهو الامر الذي سيحتاج الى المزيد من الوقت لسبر أغوار “أسرار” الأسابيع الساخنة في المنطقة التي اجتازت ما يشبه “إشتدي أزمة تنفرجي”.

حجر الزاوية في هذا المتغيّر المفصلي يرتبط بدور ايران التي يعتبر أرباب “حياكة سجاد” الديبلوماسية والعسكر فيها، انها نجحت في فرض نفسها كلاعب رئيسي في الشرق الاوسط واستطاعت مجابهة المجتمع الغربي بملفها النووي، وبلغ “كبرياؤها” حد “الممانعة” في مصافحة الولايات المتحدة والجلوس معها الا بـ “دفتر شروطها” بعدما كانت هددت في الكواليس وبـ “مكبرات الصوت” بدخول الحرب وبالمباشر ضدّ اميركا في المنطقة اذا جرى ضرب سورية.

تدرك ايران المترامية الاطراف والأذرع انها لا تملك ترسانة تضاهي التكنولوجيا الاميركية لمجابهة اساطيل الولايات المتحدة، لكنها تفاخر بأنها تملك اوراقاً عدة في المنطقة اللاهبة … في إمكانها قفل الممر النفطي الاستراتيجي في مضيق هرمز وتوجيه ضربات موجعة للبورصات الغربية والتسبب بارتفاع هائل في أسعار النفط على النحو الذي يصيب اقتصاديات اميركا واوروبا ويومياتهم بأضرار قد تصعب السيطرة عليها، اضافة الى ما يمكن ان تفعله طهران مباشرة او على نحو غير مباشر من خلال تحريك “حزب الله” اللبناني ضد اسرائيل.

واستطاعت ايران، المعتدّة بامتلاكها “اوراق القوة”، القول لمحيطها “غير الصديق” انها، وعلى عكس الولايات المتحدة، لا تتخلى عن أصدقائها، وفي تقديرها ان الملفات العالقة مع جيرانها يجب ان تُحل “من الداخل” وليس عبر تدخل القوى الغربية، وهذا التوصيف يرتبط بقوس من الأزمات والملفات الايرانية – الغربية – الخليجية المتعددة والمتشابكة، بدءاً من الجزر المتنازع عليها مع دولة الامارات وصولاً الى “الودّ المفقود” مع المملكة العربية السعودية، مروراً بأفغانستان والعراق ولبنان وسورية واليمن والبحرين.

ومن الطبيعي في ضوء الحراك المستجد في المنطقة ان تتصدر العلاقة الايرانية – السعودية واجهة الاهتمام. وبدا لافتاً في هذا السياق تعيين المرشد الاعلى السيد علي خامنئي قبل ايام الاميرال علي شمخاني ممثلاً له في مجلس الامن القومي، الذي يرسم السياسات الايرانية الخارجية ويقرّها بعد موافقة خامنئي.

الاهمية غير العادية لهذا “التعيين” تكمن في ان الاميرال شمخاني هو العربي الوحيد الذي وصل الى أكثر المراكز حساسية في ايران، وكان حاز على وسام الملك عبد العزيز بن سعود في العام 2004، الوسام الاعلى رتبة في المملكة التي خصت به شمخاني لجهوده في تطوير العلاقات بين الرياض وطهران.

وهذا التطور يعني ان الاميرال شمخاني عُيّن في مقابل او قبالة زميله في السعودية الامير بندر بن سلطان الذي يجلس على رأس المجلس الوطني السعودي، الذي يتمتع بصلاحية تحديد السياسة الخارجية للمملكة، وهو الذي يتمتع بمهارات ديبلوماسية واستخباراتية اكتسبها من خلال تجربته المخضرمة.

والسؤال المطروح الآن هو: هل سيؤتي تعيين الاميرال في مقابل الامير ثماره؟

مسؤول بارز في القيادة الايرانية كشف لـ “الراي” جوانب مهمة من الاجابة على هذا السؤال المحوري حين قال: “ان الملفات العالقة في افغانستان واليمن مترابطة ويمكن حلها من دون عقبات تعجيزية، وكذلك هو الحال بالنسبة الى العراق ولبنان والبحرين. هذه الملفات تملي على الطرفين الجلوس معاً والعمل عل حلها تدريجاً، وعلى النحو الذي يضمن ان ينعكس ايجاباً على الارض”.

غير ان المسؤول الايراني، صاحب الدراية بتلك الملفات، استعجل القول: “كل ذلك ممكن. أما المستحيل تجاوزه في الوقت الحاضر فهو الوضع السوري، فايران تعتبر الرئيس (بشار) الاسد خطاً احمر غير قابل للتفاوض او المناورة، ومستعدة تالياً لبذل الغالي والرخيص للدفاع عما يمثّله الاسد”، مشيراً الى “ان الديبلوماسية الدولية وصلت في هذا الملف الى طريق مسدود وأوصلت الاوضاع الى الديبلوماسية الخشنة، اي الى شفير الحرب، لإرساء معادلة كاسر ومكسور، وهو ما لا يمكن التعامل معه، الامر الذي ينعكس على العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي تريد رحيل الاسد ولا تقبل بأي شيء دون ذلك”.

وتحدّث المسؤول الايراني عن اهمية سورية “بوابة فلسطين ولبنان والاردن، وبوابة اوروبا الى الخليج، فيومياً كانت تمرّ آلاف الشاحنات الاوروبية من الغرب واليه عبر سورية، غير ان الحرب التي دهمتها حوّلت خط النقل الى الموانئ الاسرائيلية التي انتعشت على نحو لا سابق له”.

والأهم في توصيف المسؤول الايراني لأهمية سورية كلامه الواضح عن “ان سورية هي البوابة الاساسية لدعم المقاومة (حزب الله) في لبنان، والشريان الجوي الذي يمدّ تلك المقاومة بكل ما تحتاجه لإبقاء التوازن العسكري الضروري قائماً مع اسرائيل”، لافتاً الى ان “هذه السورية تحولت اليوم الى مكان لتجمع اكبر خزان للجهاد العالمي المتمثل بتنظيم “القاعدة” الذي اعلن الحرب على “حزب الله” والمقاومة، وعلى كل مَن يخالفه في السياسة والدين والمذهب”، معتبراً “ان الرئيس الاسد يمثل خط الدفاع الاول عن كل ما يرتبط بايران عقائدياً وسياسياً، وعن امن ايران القومي”.

وأوضح المسؤول الايراني عيْنه “ان هذا الدور للرئيس السوري يتضارب مع رؤية المملكة العربية السعودية للأسد، ولهذا السبب وغيره فإن العلاقة مع المملكة مهمة جداً في المنطقة، وهو ما توليه ايران اهتماماً لكن على اساس التعاون وليس فرض السياسات التي لا تتماشى مع امننا القومي”.