مصدر امني غربي لـ “الراي”: تفاصيل تؤشر الى “إرتجاف” يد “الموساد”
لماذا اغتيل القائد الميداني لـ “حزب الله”؟ ومَن ضغط على الزناد؟
بروكسل – من ايليا. ج. مغناير:
إسترعت عملية إغتيال القائد الميداني في “حزب الله” حسان اللقيس قبل ايام إنتباه العالم نتيجة الاهمية التي يوليها المجتمع الدولي للتطورات الحالية البالغة الحساسية في الشرق الاوسط وإرتداداتها المحتملة على المنطقة، وعلى الأدوار فيها والتوجهات الدولية حيالها.
وأظهر هذا النوع من عمليات الاغتيال لقادة من “حزب الله”، في تقدير خبراء إستراتيجيين، عدم جدواه لأن هذه المنظمة شبيهة بـ أفعى “الهيدر” التي اذا قُطع منها رأس نبتت مكانه رؤوس متعددة وبحيوية قادرة على التجديد وخدمة الأهداف بوسائل اكثر عصرية.
فعندما اغتيل الامين العام السابق لـ “حزب الله” عباس الموسوي مطلع التسعينات كان الحزب منقسماً الى اربعة اقسام، فحلّ مكانه (الامين العام الحالي) حسن نصرالله الذي جمع الحزب تحت راية واحدة ورفع من قدرته العسكرية مئات المرات.
وبعد مقتل عماد مغنية، احد القادة التاريخيين في الحزب، حل مكان الرعيل الاول جيل مثقف على مستوى عالٍ من التفوّق العلمي بارع في الانجازات والابتكارات ويحمل في الوقت عينه العقيدة نفسها والاهداف كما هي، الامر الذي انعكس تواصلاً في المسيرة لكن بروح متجددة.
غير ان الجديد، في رأي الدوائر الخبيرة في شؤون وشجون المنطقة، ان الصراع اتخذ منحاً آخر عندما دخل “حزب الله” اتون الحرب السياسية – العسكرية – الطائفية في بلاد الشام التي تشهد معركة كبرى بمعايير ذات أبعاد متعددة، فتعددت جبهات الحزب وتوسّعت مروحة أعدائه.
ولم ينجح “حزب الله” في جذب أعدائه الى الساحة التي أراد القتال فيها وعليها بعدما كان حددها هو بحسب أجندته، فإنعكست ردة الفعل على خياراته سيارات مفخخة طالت بيئته الحاضنة وسفارة راعيه الايراني في بيروت، وها هو دخل اليوم مرمى تلقي الضربات الامنية في عقر داره رغم التدابير المشددة التي يتخذها.
لكن السؤال هو: مَن قتل حسان اللقيس؟
سؤال أجاب عليه مصدر غربي أمني يتابع “حزب الله” وكل ما يتصل به عن كثب، فقال لـ “الراي” ان “من الممكن ان تكون اسرائيل قد ضغطت على الزناد، ومن الممكن استبعاد هذه النظرية لان طريقة التنفيذ بعيدة عن الاحتراف وليست من شيم الموساد الاسرائيلي الا اذا اصبح الصدأ متفشياً في هذا الجهاز”.
وكشف المصدر لـ “الراي” انه اطلع على ملف التحقيق في اغتيال اللقيس وعلى ما جمعته الادلة الجنائية، وذلك من خلال القنوات الديبلوماسية، مشيراً الى “الاستنتاج هو ان المجموعة المنفذة استخدمت مسدسات من عيار 9 ملليمتر مع كاتم للصوت ونجحت باصطياد الهدف بـ 7 رصاصات لم يُعثر الا على مظاريف اربع منها”، لافتاً الى “ان عملية التصويب على الهدف تخللتها أخطاء جدية في عالم الاغتيال على الرغم من التدريب القاسي والمتواصل الذي يخضع له اعضاء المخابرات الاسرائيلية بانتظامٍ يجعل من البديهي ان تكون عملية الاغتيال اكثر نظافة، اذ يفترض تصويب السلاح الى الهدف مباشرة وليس الى محيطه كما حصل في عملية حسان اللقيس”.
وتحدث المصدر عن انه وُجدت طلقات عدة اصابت سيارة اللقيس واخرى اصابت الحائط وأخطأت هدفها مما ادى الى إصدار أصوات اصطدام الطلقات خارج الهدف وقد نتج عن ذلك سماع الطلقات – بحسب التقرير الامني – من قبل نواطير (حراس) المباني المحيطة بمسرح العملية ومن سكان الطبقات السفلى في المبنى نفسه”، لافتاً الى “ان اليد المدربة على القتل توجه الرصاص الى الجسم مباشرة لإخفاء صوت الصدمة مما يدل على قلة احتراف منفذي عملية اغتيال اللقيس، وبالتالي فاننا امام احتمالين، إما ان الموساد اصبح يرتجف اثناء التنفيذ او ان جهة اخرى نفذت وخصوصاً ان إطلاق النار حصل من مسافة قريبة جداً من الهدف وبسرعة حالت دون تمكين اللقيس من استخدام سلاحه الفردي”.
وذكّر المصدر بأن “عملية اغتيال ابو جهاد (خليل الوزير) نفذها الموساد في تونس بدقة متناهية اذ اطلقت عليه 75 رصاصة اصابت كلها الهدف مما عكس مهنية عالية ومكّن من حفظ الطاقم المنفذ وحمايته من الاعتقال”، مضيفاً: “لا شك ان عملية اغتيال اللقيس نجحت في اصطياد الهدف والانسحاب دون خسائر او اعتقال، ولكن السؤال هو نوعية الهدف بحد ذاته والحاجة غير المبررة لاغتياله”.
ولفت المصدر الواسع الاطلاع على اسلوب عمل اجهزة المخابرات لـ “الراي” الى ان “اكثر اجهزة المخابرات العاملة في لبنان تملك بنك معلومات عن “حزب الله” وقياداته ومسؤولياتهم، ولذلك فعملية اغتيال عماد مغنية جاءت نظيفة وهدفها مميز فكان “اصطياد العصر” من خلال التفوق على اجراءاته المعقدة لحماية نفسه، ولهذا كانت عملية ناجحة بامتياز من الناحية الاستخباراتية. اما حسان اللقيس فلم يكن رجلاً أمنياً وإزاحته لا تؤثر ابداً في مسيرة حزب الله، مما يعني ان اسرائيل ارادت القول – اذا كانت هي من ضغط على الزناد – “انا هنا أنظروا ماذا أستطيع فعله، واذا انكشف امامي اي هدف لا يحوط نفسه بإجراءات معقدة فإنني قد لا أستطيع ضربه اثناء عمله لكنني سأبحث عن حياته الشخصية ومكان الضعف فيها ليكون مقتله”، وتالياً نحن من موقع تجربتنا لا نستطيع ان نفهم العمل الامني والافادة الحقيقية من ورائه في هذه الحالة عدا العمل الاستعراضي”.
وأشار المصدر الى ان “الاحتمالات الاخرى هي ان اسرائيل قد أرادت من خلال احتفالها ببعض عناصر الموساد القول انها هي مَن نفذت العملية او انها تحتفل بالانجاز اللوجستي الذي قدّمته – مع معلومات عن الهدف وتحديث تحركاته – لجهة اخرى منفذة أمّنت لها اسرائيل المراقبة الالكترونية واللوجستية لتنفيذ الاغتيال، وبهذا تكون تحتفل بإنجاز الحصول على شركاء جدد في المنطقة يعملون على قاعدة “عدو عدوي صديقي”، وهذا يعني ان المصلحة بافتعال ردة فعل من “حزب الله” تجاه اسرائيل معدومة في ظل شهر العسل الدولي مع ايران (الملف النووي) ومع “حزب الله” (لمحاربة الجهاد العالمي). وبهذا تكون اسرائيل قد قدمت ما تملك من معلومات ومتابعة للاهداف لتوجيه ضربة موجعة لكادر من حزب الله ولعنفوان الحزب في عقر داره، دون افادة حقيقية استراتيجية من جراء هذا الاغتيال”.
وقال المصدر ان “لبنان اصبح ملجأ لبيئة قوية حاضنة تناصب حزب الله العداء ضمن حلبته الداخلية مما يساهم بتنفيذ عمليات امنية ضده والاختباء في مكان آمن المر الذي يساعد على تعرض الحزب لضربات اخرى في المستقبل، الا ان المسألة الحساسة هي الحرب الاعلامية والاتهامات المتبادلة بين حزب الله والمملكة العربية السعودية على خلفية الحرب في سورية. فبعد اتهام نصرالله الصريح للمملكة، وما تروج له اسرائيل من تعاون مخابراتي مع المخابرات السعودية (تقرير بثه التلفزيون الاسرائيلي قبل يومين) فان هذا من شأنه صب الزيت على النار ليأخذ المنطقة الى مستوى مختلف من الصراع يتجه الى الثأر الامني والحدة، لتخرج المعركة عن حدود الجغرافيا السورية وتتوسع لما وراء حدود بلاد الشام”.
Related articles
- Moussa Koussa Working With the CIA, MI5 and Saudi Intelligence (libya360.wordpress.com)
You must be logged in to post a comment.