جنيف – 2 لم ينجح لكنه لم يفشل
ديبلوماسي غربي لـ “الراي”: تباطؤ النظام السوري
في تسليم “الكيميائي” لن يعفيه من المحاسبة على إستخدامه الموثق
* الحل في إتفاق على مكافحة الإرهاب وضمانات برحيل الأسد
بروكسيل – ايليا ج. مغناير:
إنتهى مؤتمر جنيف – 2 بـ “تأكيد ما كان مؤكداً”، فهو لم ينجح في حل الأزمة السورية بالتأكيد، لكنه لم يفشل تماماً. فرغم إعتبار غالبية المراقبين ان المؤتمر خرج بلا نتائج على قاعدة ان الحرب ما زالت مستمرة في سورية، فإن التدقيق في الامر يؤشر الى انه حقق مجموعة من النتائج التي لا يستهان بها.
ففي معادلة “النجاح والفشل” لم يكن هناك وهم يوماً بان جنيف – 2 سينهي الحرب في سورية لمجرد اللقاء بين طرفيْ الصراع على طاولة واحدة … فلا الطرف المعارض المناهض لإستمرار الرئيس بشار الاسد في الحكم كان في وارد تعديل موقفه، ولا الوفد الذي يمثل النظام جاء ليعطي الضوء الأخضر لتسليم الرئيس الاسد بالرحيل عن السلطة.
ما تحقق في جنيف – 2 هو إعتراف العالم بالوفد الرسمي – اي بالحكومة والرئيس – وإعتراف الاسد بالمعارضة لمجرد الجلوس معها على طاولة واحدة، وإعتراف الاثنين بـ “الحل السياسي تحت المظلة الدولية”.
وماذا تحقق ايضاً؟
ديبلوماسي غربي رفيع معني بالملف السوري قال لـ “الراي” ان “إجتماع جنيف لم يفشل، لأن التوقعات في شأن نتائجه لم تكن يوماً عالية. فالهدف المهم بحد ذاته الذي اريد تحقيقه كان جمع النظام والمعارضة على طاولة واحدة، مما يشكل إعترافاً من كل طرف بالآخر وبلائحة مطالبه. اما وضع نهاية للحرب، فيتطلب جهداً وتعاوناً من جميع الأطراف وبلا استثناء، وعلى رأسهم المجموعة الدولية واللاعبين الأساسيين كالمملكة العربية السعودية وايران وحلفائهما”.
ولفت الديبلوماسي الغربي الى “ان التواصل الجيد قد حصل مع المملكة العربية السعودية ومسؤوليها على أعلى المستويات حيث أعرب كبار المسؤولين عن عزمهم على مكافحة الارهاب ومنع دعم الأطراف المتطرفة من المعارضة السورية وإبقاء التعاون بهدف دعم الحل الانتقالي للسلطة وإن على نحو غير منسق مع المجموعة الدولية وكذلك رفع الغطاء عن جميع المساعدات التي تقدمها منظمات مدنية مستقلة تصبّ في دعم اطراف من المعارضة ترفض المفاوضات والديموقراطية في سورية”.
وأشار المسؤول الغربي المعني بالملف السوري لـ “الراي” الى ان “إجتماع جنيف يسير بمساره الخاص دون ان يمنع مساراً آخر موازياً بين الدول الخمس الدائمة العضوية في الامم المتحدة، وعلى رأس هؤلاء الولايات المتحدة وروسيا، اذ ان حلفاءهما في الشرق الاوسط لديهم مصالح متضاربة في سورية لا تساعد على انهاء حالة الحرب الدائرة، ولذلك فإن محادثات متواصلة بين القوتين العظمتين تهدف الى تفاهمات لم تنضج بعد حول مكافحة الارهاب بالدرجة الاولى مقابل ضمانات بأن لا يبقى الاسد في السلطة، وكذلك الحفاظ على جوهر مصالح كل الاطراف ولا سيما المصالح الروسية – الايرانية بتحويل الغطاء الديبلوماسي – السياسي من غطاء لشخص واحد (اي الاسد) الى تعاون على الامور المشتركة وحفظ إستمرار الحكم عبر رئيس يضمن كل هذا الملف بتفاصيله ومصالحه”.
اضاف هذا الديبلوماسي لـ “الراي” ان “المسار للحل السوري طويل وشاق ولن يُحلّ بشهر او اثنين لأن المعركة على ارض الواقع تؤشر الى ان المصالح متداخلة ببعضها البعض، وهناك قوات اجنبية ابتداء من القاعدة وفروعها حتى حزب الله وحلفائه من عراقيين وايرانيين، وهناك المعارضة بإختلافاتها والنظام وكذلك اعادة الاعمار والوضع الانساني المتدهور وقضية المهجرين والانتخابات والصلاحيات الدستورية. الملف طويل وكبير وكذلك الحوار فلا يتوقع احد ان ينتهي كل شيء بالسرعة المنتظرة”.
وعن وضع الرئيس الاسد قال المسؤول الغربي ان “سحب الملف الكيميائي (الأسلحة) يسير ببطء شديد لأسباب تقنية وأسباب تباطئية من النظام، الا ان هذا الملف، من الناحية العسكرية، قد وُضع على السكة وسيُسحب من يد النظام دون ان يُغلق الملف بالنسبة لمَن استخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين، ولهذا فإن هناك أدلة وإثباتات من قبل المجتمع المدني وكذلك من قبل أجهزة عالمية امنية ودولية تدل على مسؤولية النظام وهذا يُعد عملاً اجرامياً على المستوى الدولي لن يستطيع العالم التغاضي عنه ولا سيما انه سُجل إستخدام الكيميائي من قبل النظام بكميات صغيرة اكثر من 14 مرة لغاية اليوم وفي مناطق مختلفة منذ بدء الحرب السورية، الا ان كل هذا سيوضع على طاولة المفاوضات للدول المعنية الكبرى لتناقش بالمسائل كلها”.
You must be logged in to post a comment.