بعد 12 عاماً على عدوان الـ 33 يوماً هل تعدّ اسرائيل حرباً على “حزب الله” في لبنان؟ هل ستوسع روسيا وجودها في جنوب لبنان؟

main-qimg-15288d65020c580d03fbd0734d74ba19-c

بقلم – ايليا ج. مغناير: @ejmalrai

يَظْهَر التوترُ والاستنفارُ الصامتُ بين اسرائيل و”حزب الله” على الحدود حيث تَجري استعداداتٌ محمومة تحت عيون حادة مراقِبة من الطرفين الأعداء. وهناك حالة استثنائية من التأهّب غير المرئي بالعين المجرّدة إذ تقوم اسرائيل بزيادة دورياتها العسكرية وعدد الضباط والجنود داخل المواقع الحدودية وتكثّف وجود الآليات العسكرية وكذلك الطلعات لسلاح الجو المحارب والطيران الاستطلاعي (من دون طيار) لمعاودة تأكيد بنك الأهداف ومراقبة التغييرات والتطورات واستحداثات “حزب الله” الدفاعية المتجددة.

ومن جانبه، يقوم “حزب الله” برفْع الجهوزية وملء المواقع ودرْس نقاط الضعف لتغطيتها واستحداث قوات الوحدات الخاصة للتمرْكز فوق الأرض وتحتها في مواقع متعدّدة ورفْع مستوى الاستنفار وجلْب الوحدات من سورية، حيث خبرتْ كل أنواع القتال، الى الحدود اللبنانية. وكل هذا يُعتبر إجراءات وقائية أمام التحضيرات والاحتمالات الاسرائيلية.

ولكن هل من الممكن ان تقوم حرب ثالثة بعد فشل حرب العام 2006؟ ولماذا ارتفع التوتر وبرزتْ الاستنفارات المتبادَلة اليوم؟

Untitled-16

مضى 12 عاماً على الحرب اللبنانية الثانية التي انتهتْ في هذا الشهر من اغسطس 2006 لتُسمَع طبول الحرب تُقْرَع من جديد اليوم. ومنذ ذلك التاريخ زاد “حزب الله” من قدرته العسكرية واستحدَث صواريخه من الوقود الصلب (لسرعة إطلاقها عند وجود الطيران في السماء) البعيدة المدى والدقيقة الإصابة التي تتناسب مع احتياجاته (استُبدلت المسافة الطويلة للصواريخ الاستراتيجية من 900 كلم الى 400 كلم وعُوض عنها بزيادة القوة التدميرية في الرأس الحربي). وحصل “حزب الله” على صواريخ تضرب السفن الراسية والمتحرّكة والتي يمكنها إغلاق أي مرفأ في اسرائيل أو ضرْب أي منصة نفط عائمة في البحر الأبيض المتوسط. بالاضافة الى ذلك هناك مؤشرات قوية الى امتلاك “حزب الله” صواريخ مضادة للطائرات او للصواريخ المطلَقة من الطائرات. وقد تدرّب الحزب على العمل على إطلاق صواريخ في سورية وإيران في مناوراتٍ حية تحت قصفٍ وفي وجود طائرات “معادية” في السماء ليحاكي حرباً ثالثة مع اسرائيل ويتحضّر لها.

manar-08912600015341510769

وخبرت قوات “حزب الله” الخاصة (الرضوان) كل فنون الحرب في سورية ابتداءً من قتال التكفيريين الايديولوجيين وصولاً الى هؤلاء المدرّبين على أيدي المخابرات الأميركية – البريطانية. كما شاركَ في حروب عصاباتٍ وحروبٍ في الصحارى وحروبٍ في المدن وشارك مع جيش كلاسيكي ليَستخدم الدبابات والمدفعية، وجيش من القوى العظمى (روسيا) على كافة المحاور، وانخرط في عشرات المعارك على كافة الأراضي السورية وعلى مساحة تُعَدّ ثمانية عشر مرة أكبر من كل مساحة لبنان. وقد أسس “حزب الله” قواعد لصواريخه الاستراتيجية على طول الحدود اللبنانية – السورية، داخل السلسلة الشرقية حيث يستطيع إطلاق الصواريخ القابعة داخل الجبال وفي صوامع تحت الأرض لا يطالها القصف الاسرائيلي وبعيداً عن المناطق السكنية اللبنانية.

Screen Shot 2018-08-11 at 08.50.30

بالاضافة الى ذلك، قال الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله إنه سينقل المعركة الى داخل اسرائيل في أيّ حربٍ مقبلة. وكذلك وَعَدَ بضرب مفاعل ديمونا النووي وخزانات الأمونيا في حيفا وأيّ بقعة تطالها صواريخه وأي مركز عسكري تصل إليه أسلحة “حزب الله” الدقيقة التي تغطي كافة المساحة التي تتواجد عليها اسرائيل.

تبدو القائمة طويلة ومثيرة لما تستطيع ان تفعله مجموعةٌ منظّمة غير نظامية يعمل تحت لوائها عشرات الآلاف من الرجال والنساء، حتى قيل عنها إنها أصبحتْ من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط. وقد أثبتت في سورية قدرتَها على القتال وحماية الحكومة السورية ومنْعها من السقوط بيد التكفيريين، ولكن هل هذا يكفي لمنْع اسرائيل من مهاجمتها؟

تقول مصادر مطلعة لـ “الراي” إن “وجود دونالد ترامب في السلطة يُعتبر فرصةً فريدةً لاسرائيل، نظراً الى استعداده لدعم تل ابيب في أي شيء تطلبه. وقد أرسل ترامب قوات الى اسرائيل لتعمل هناك، وهي جاهزة للموت من أجل اسرائيل كما قال حرفياً اللواء ريتشارد كلارك. وبالتالي لم تضع أميركا أيّ حدود لِما تستطيع تقديمه او التضحية من أجله لإنهاء ما يُطلق عليه ذراع إيران في لبنان”.

Iran_has_conducted_all_preliminary_tests_of_Bavar_373_belief_air_defense_missile_system_925_001

لقد فشل مشروع “إسقاط وتغيير النظام في سورية” بعد سبع سنوات من الحرب، ولم يبقَ هناك إلا دولتان تحتلّان أجزاء من بلاد الشام: تركيا في الشمال الغربي وأميركا في الشمال الشرقي.

وبعد لقاء ترامب – بوتين في هلسنكي، أعطى الرئيس الأميركي سورية للرئيس الروسي ما دامت موسكو ضمنتْ حماية اسرائيل من الهجمات عبر الجولان المحتل.

واقعاً، تمّ تسليم الجنوب السوري الى الحكومة السورية بعد مقاوَمةٍ قليلة (ما عدا مناطق احتلال داعش في القنيطرة). وأمرتْ أميركا بإغلاق غرفة عمليات “الموك” في الأردن وأوقفتْ تدريب التنظيمات المختلفة، بما فيها الجهادية، ورفعتْ الغطاء عن الجميع ليَسقط الجنوب بيد الجيش السوري.

بالاضافة الى ذلك، بدأ الأكراد بمفاوضات مع دمشق بطلبٍ أميركي على أن يقدّم الرئيس بشار الأسد مكاناً لهؤلاء في البرلمان والحكومة ويسير بمبدأ الحكم الذاتي.

Screen Shot 2018-08-11 at 08.49.42

كل هذه مؤشراتٌ إلى أن أميركا لن تبقى في سورية وأنها تبْحث عن مَخرج لها. لقد ضمنتْ روسيا أمن اسرائيل على الحدود، وإذا أعيد انتخاب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فستكون القوات الأميركية في مكان أفضل في العراق. وتبقى عقدة حزب الله – الذي تَعتبره أميركا سلاح إيران – السيف المصلت على اسرائيل ويجب إنهاؤه.

وتقول المصادر ان “أميركا أعطت روسيا بلاد الشام، ولذلك فإن من غير المستبعد تكرار نفس السيناريو في لبنان بعد معركة دموية ومدمّرة بين حزب الله واسرائيل”.

وتضيف: “تريد روسيا إنهاء الحرب في سورية وهي تستعدّ لتحرير ادلب، وستقبل تركيا بالانسحاب بعد إيجاد صيغة للمسلّحين ما عدا “القاعدة” وحلفائها وحاملي عقيدتها. ويمكن لروسيا حماية الحدود مع تركيا لضمان منْع هجوم الأكراد على الأراضي والأهداف التركية. وهكذا، اذا طُبق الأمر في لبنان، يصبح الشرق الأوسط خالياً من النزاعات عبر الحدود”.

وبحسب المصادر نفسها “اليوم، لا يوجد في السلطة في لبنان مَن كان موجوداً العام 2006، وبالتالي فإن الغطاء العربي للحكومة ومنْع اسرائيل من مهاجمة كل لبنان لم يعد موجوداً. وبالتالي فإن دول الجوار لا تمانع تلقين “حزب الله” ولبنان درساً قاسياً لهزيمة الحزب أو تدمير لبنان. وسيتم تمويل أي حرب اسرائيلية على ذراع إيران في لبنان، ولا سيما ان طهران تعيش اليوم ظروفاً اقتصادية قاسية ولن تستطيع إعادة الإعمار كما فعلت في العام 2006″.

 

Screen Shot 2018-08-11 at 19.09.41

وتتابع: “من الطبيعي ان لا تكون روسيا جزءاً من هذا المخطط، ولن تتناغم موسكو مع اسرائيل وأميركا لضرْب “حزب الله”. لكن اسرائيل تستطيع إيجاد أي ذريعة لبدء الحرب لجذب روسيا الى طاولة المفاوضات وتسليمها الجنوب اللبناني وفرْض ابتعاد “حزب الله” عن جنوب الليطاني، وهذا حلم اسرائيل منذ زمن بعيد”.

لقد قال الجنرال قاسم سليماني ان برلمان لبنان أصبح يضمّ 74 نائباً مؤيدين للمقاومة ومحورها” بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وبالتالي من غير المتوقّع أن تقبل اسرائيل ولا دول المنطقة بهذه المعادلة من دون ردة فعل، إذ يَعتبر هؤلاء أن كل لبنان أصبح تحت جناح إيران.

ويبقى السؤال: هل بنيامين نتنياهو مستعدّ للحرب على الرغم من عدم جهوزية جبهته الداخلية، وقدرة “حزب الله” على ضرْب أيّ هدف داخل اسرائيل؟ وهل سيقبل بهذه المغامرة غير المضمونة النتائج والأهداف؟

إذا كنت تقرأ هذا التقرير وكنت ترغب في ذلك ، من فضلك لا تشعر بالإحراج للمساهمة وتساعد في تمويله بمبلغ أقل من 1 يورو. مساهمتك ، مهما كانت صغيرة ، ستساعد في ضمان استمراريتها. شكرا لكم.